الثلاثاء، 24 أبريل 2007

رمسيس ينادي ناصر انقذ مصر


من محله الكائن في شارعه شارع رمسيس , ومن جوار محطة باب الحديد (سكك حديد مصر حالياً) ,ومترو الأنفاق الذي بنوه تحته دونما مراعاه لخطرة عليه , وبجوار مترو الميرغني ومدينة نصر , من قلب مصر , بدأت رحلة ملك مصر رمسيس الثاني , الملك العظيم , تحرك بعد سكون , بعد ثبات طويل , أخيرا تحرك ذاك الجسد , رأى شعبه من جديد ينتظر احتفال تنصيبة الأسطوري , انه لم يمت فها هو في قلب شعب ميت , باختصار الملك لم يمت , ها هو يتحرك , يسير حثيثا يتابع أحوال رعيته , يتفقد أحفاده 0
في بادئ الأمر هاله البناء الشامخ , هاله كل شئ , لكنه سرعان ما تدارك الأمر , كل ما هالة شكلة وظنه عريقاً , هو لاشئ , الملك الذي ظن شعبه سعيداً , رآه أخيرا واقعاً , انه أتعس مايكون أشقى مايكون , تألم الملك , وبعد أن هاله زيف الحضارة هاله حجم الأسى والألم الذي يكابدة شعبه 0
فهو لم يكن يتوقع أن يرى ما رآه , فأول ما شاهده الملك هي حفيدة نفرتيتي وحتشبسوت , هي امرأة كبيرة السن عجوز , كمصر , رآها تشتكي وتبكي : الأسعار نار , مفيش فلوس , الولاد مش لاقيين شغل , الظلم في كل مكان , الفساد آه آه من الفساد , الكرسي وصراعاته , و و و و و و و و و و و و و و و و و و و و , تعبت خليها الخ0
الملك ظنها كاذبه فهو كان ملك عليها ويعلمها هي تريد أن تكون في أبهى الصور , هي تريد , وتستطيع هو يقر , لكن فجأة استيقظ الملك من تفكيرة الدفاعي الإستباقي عن نفسه , وتساءل لكن هذه أول مرة أرى فيها مصر بهذه الصورة المزرية ماذا حدث , ماذا حل بإرثي؟!تساءل الملك , غير عابئ بموكبه الذي يسير في وسط البلد , واذا به ينظر إلى المقاهي أم كلثوم والبورصة و و , ما هذا أكل هذه مقاهي , لما ألا يوجد عمل حقاً , رمسيس لم يتوقف لكنه تخاطر مع أحد الشباب الجالسين على مقهى البورصة , هذا الشاب أعرفه جيداً هو صديق لي , سئله رمسيس لما يجلس الشباب على المقاهي , أجابه صديقي بالقول انه ليس امامهم شئ , بحثوا عن عمل حتى ملوا , تعذبوا واكتوا حتى البلاده , لم يعد أي منهم يعبأ بنفسه ببلده , حتى العمل غير مجز , والأسعار مرتفعة , والتضخم يتفاقم , وعجز الموازنة يتزايد , والشباب الثوري في السجون , والتعذيب فن , واهاليهم في الأقسام تنتزع منهم معلوماتهم عن أسباب ثورة ابنائهم , وربما انتزاع بكارة الشباب والشبات واغتصاب الأهل , أصل العسكر حرمية , والحرمية باهوات وباشاوات , والشرفاء في المغتقل بيغنوا لأحمد فؤاد والشيخ إمام وأمل دنقل , بيلعنوا الصمت , وبيسكتوا ويخيطوا أفواههم , كفاية بلاش أهلهم يتسحلوا, وهنا قطع الملك تواصله مع صديقي , الذي اقسم ألف مرة من قبل أنه لن يمشي خلف موكب ملك قديم قائلا يكفي الملك الجديد, لكنه تحرك , وصار جزء من موكب ملك مصر0الملك وهو في منحنى شارع 26 يوليو رأى عم محمد بائع الجرائد , فتساءل ترى ما هذه الأشياء , وأمسك بجريدة حكومية وقرأ عن مصر الوردي , فتعجب اذا ترى اين هو , تركها وامسك عشرات الجرائد المستقلة والحزبية , ليرى مصر المرة , مصر الحزن , مصر الظلم ,يرى فلسطين ولبنان والعراق , يرى الشرخ العربي , والصدع العربي , يرى موت العروبة, فألقى الملك الجرائد , وقال في نفسه , الثُبات افضل 0
الملك آثر الصمت وقطع علاقاته مع كل أحفاده وأغمض عينيه حتى لايرى المرأة العجوز من جديد , وسار موكبه 0

فجأه استنشق الملك رائحة النيل , هي رائحة النيل حقاً , فتح عينيه ونظر بمقلتيه , هو النيل , توحد مع مياهه تشاكت له الظلم , شكت له أوجاع الشعب , وآلامه أشارت مياهه للملك ووجهت نظرة لمقر حزب يطل مباشرة على النيل , وقالت هذا هو الحزن الوطني المصري , هذا وقصت وقصت , حتى فاض بالملك , ففتح الدعائم الحديدية التي تحيط به , وتحرك الملك , خرج عن السرب , وحدث ما حذر منه كثيرون , قالوا لزاهي حواس انه قد يستحلي الحركة ويعود يطالب بملكه , وها هو يتحرك , لكن ليس للمطالبة بالملك لكنه غير وجهته عاد أدراجة , وهنا وقبل شروعة في الحركة أغلقت الكاميرات , وطلب الساسة اتاحة الفرصة لحواس لإقناع الملك بالعدول عن العوده للحكم , والرجوع إلى حالة الثبوت التي كان عليها , خاطبه حواس , فأبى الملك , وسار حتى قف عند قبره , قبر آخر زعماء الأمة نادى قائلا : أخرج يا جمال , اخرج ياعبد الناصر , الشعب يأن أخرج لا تبخل 0
وهنا انقسم جمهور الملك مابين مصدق ومكذب, وتساءل أحدهم قائلا أمن الممكن أن يتحرك تمثال رمسيس , فأجاب الملك المصري العظيم قائلا نعم عندما يموت الأحياء يتحرك الأموات , فأحنى الرجل رأسه , وهنا طل عبد الناصر من ركام قبره خرج من جديد , خرج رافع هامته في عينه آثار حزن وعلى زيه آثار دماءه وخناجر أصدقائه لا تزال مرشوقة في جسده , تشرب من قوته ,وصموده, خرج شامخاً كما هو , خرج فعانق الملك , الذي عاتبه قائلا يا زعيم العرب ماذا حل بالعرب ؟ ماذا حل بلبنان أي تشرذم هذا أي هوان 0
طأطأ جمال رأسه , صمت وصمت , ثم أجاب وهو يسير متأبط زراع رمسيس , أيها الملك ان دورنا انتهى , والآن دور هؤلاء , واشار جمال إلى مجموعة من الشعب المطحون , وأردف قائلا إن دور البطولة عاد من جديد ليحلق ويطير حول المنطقة العربية يبحث عن البطل , ومن بين حطام هذا الشعب سيخرج البطل ليطهر , ويبني ويعيد لنا المجد 0
ولابد لنا من العودة والانتظار , وعاد الزعيم إلى قبره , وسار الملك إلى مكانه الجديد 0

تلك هي وقائع ساعة لم ينقلها التليفزيون في حفل نقل تمثال رمسيس0

أغرب ظاهرة شهدتها مصر المحروسة الطاهرة 0


البداية في القاهرة حيث توجد الرئاسة و الوزارت العامرة , حيث توجد مصر الحكومة , مصر الوسية 0
الزمن : الزمن المباركي 0
الأشخاص : الشعب الخانع , والقله الثائرة , والقلة الطاغية0
الأحداث , من يوميات شعب 0
الظاهرة الغريبة, لا مش غريبة 0
القصة:
البداية , محطة مصر , أو باب الحديد أو ميدان رمسيس , خرج أول هؤلاء الذين ............. يمشون بظهورهم , متستعجبوش , وأسمعوا الحكاية 0
في محطة مصر التي يزورها قرابة العشرة ملايين مصري يومياً من جميع أنحاء مصر , خرج أحد الرجال من القطار , وجهه يبدو عليه الإرهاق , بشرته خمرية بلون مصر في العهود الوردية , ملامحة مصرية أصيله عندما تراه كأنك ترى مصر , عليه من الهموم ما على مصر , تقاسم مع شعبها كل شئ الجوع والظلم , تشاطر معه كل شئ القهر والعجز , يأتي كل يوم من بلده في الأقاليم لمنطقة عملة في القاهرة .
كان في الماضي كما يحكي عنه كل رفاقه في القطار المتهالك الذي يقله كل يوم , كان مناضلا كان يحلم ان يكون جيفارا مصر , كان يقول إن الشعب هو أصل الشرعية هو الحاكم لا الحكومة , كان يناضل النظام الناصري والساداتي بالنكته المصرية اللازعة , لم يكل من النضال ولم يثنه إلا الزواج فعندما انجب أول أبناءه كانت أول انحنائاته قنع بكل شئ لإجل ابنائه , رضى بالظلم , ودار في نفس الساقية التي يدور فيها أقرانه من الشعب , صمت حتى تلذذ الصمت 0
الرجل من جديد خرج متثاقلاً من القطار يفكر في كل شئ في القطار الخرب الذي خرج منه , خصوصاً وأنه قال ايه وبعد كل الحوادث اللي بتعملها قطارات الاحتلال الإنجليزي الله يمسيه بالخير , ياه فين أيامه قالها وهو يخرج زفيراً حارقاً , قال ايه وزير قال ايه المواصلات – آسف اللي هو بيسميها سيارات نقل الموتى- رفع سيادته ثمن التذكرة هيه ناقصة 0
الرجل تخطى الإسعاف في اتجاهة ناحية الكورنيش وعند محطة عبد المنعم رياض أوقفه أحد العساكر بوجه عبوس غلب عليه النعاس , ممنوع السير يافندي 0
ممنوع , ممنوع ليه 0
في حد مهم معدي , حد مهم هكذا دائما يقال عندما يمر الرئيس أو أي حد من المسئولين في الحكومة , طب هو مين الحد ده , ما تسألشي لأن العسكري نفسه ما يعرفش , هذا ما جال في ذهن الرجل الذي قرر ألا يضغط على العسكري وألا يلح عليه حتى يسمح له بالعبور فهو يعرف أنه لا يملك من أمره شئ0
وبعد ثلاث ساعات مر المسئول , وجه الظابط لم العساكر , والناس وقفه بتدعي على المسئول وعلى الحكومة , وعلى ....0
المهم هو ما دعاش , سكت ومشي للكورنيش , آه الكورنيش , وتذكر ما كان يمثله له كورنيش النيل أيام شبابه كان الحرية , كان نسيمه دليل على عبق مصر محبوبته أو التي كانت , الآن الكورنيش لا يعني لديه شئ هو كوبري قصر النيل الذي يعبره للذهاب إلى عمله كل يوم , والنيل ليس إلا بركة مياه طويله يعبرها على الأقدام متململا من قله المال , وعدم قدرته على ركوب حتى الأتوبيس , واضطرارة للسير كل يوم من محطة رمسيس وحتى مقر عمله في الدقي0
نفض عن ذهنه همومه وقرر أن يسبح في خيال الماضي , وقفزت في ذهنه مصطلخات النضال , الحرية , مصر العشة والقصر , الإشتراكية الليبرالية , الإسلاميين , حدتو , و , وفجأه ضحك بصوت عال , قهقه حتى ظن كل من يسير بجواره انه مجنون , ونظروا اليه بشفقة , وقف عند نهاية كوبري قصر النيل , راجع كل شئ في حياته , العمل العيشه , الحكومة , القطارات , الأكل والأسعار , والعيشة النار , و فجأة قرر ... وفي البدء كان القرار: تغور السياسة والحرية و الديمقراطية والفصل بي السلطات , يروح أرسطو وأفلاطون , وميكيافيلي , ومفكري عصر النهضه , وتعيش لقمة العيش , ويحيا الدفاع عنها , وهنا كانت الآليه , خلاص الصمت كوسيلة للدفاع عن لقمة العيش مش مجدي , ولا الكلام لأن الكلام فلسفة , والفلسفة معتق , والجوع للعيال , والبهدلة للرجال , فكانت الآلية والقرار 0
:::::::::::::::::::::::
كام شهر 0
المشهد : اجتماع عاجل في وزارة الداخلية 0
الإجتماع يضم وزير الداخلية مع رؤساء الأمن , والأجهزة المختلفة الموضوع ...... الناس اللي بتمشي بظهرها 0
الوزير , ايه الحكاية , فيه ايه , ايه التقارير دي الناس دي بتمشي بظهرها ليه , هو فيه مخطط خارجي ضد البلد0
مسئول أمن الدولة : لا سعادتك دول ناس مجنونة , ملهاش أي نشاط سياسي , وما سافروش بره 0
الوزير : أمال أيه , أقول لسيادة الرئيس ولدولة رئيس الوزراء ايه , وهنا وزير الداخلية فكر شويه , وسأل نفسه ليه رئيس الوزراءة دولة , وهو وزير الداخلية اللي بيرعب الشعب بقاله كام وزارة مش دولة0
رد أحد اللواءات المشهورين : قوله سيادتك انهم مجانين 0
الوزير: مجانين ايه ؟ احنا بنكلم عن ألف شخص , وكل يوم العدد بيزيد 0
فجأة رن هاتف الوزير الخاص قوي , انتفض سيادته , ورد ,
ايوه يا د. نظيف , احنا سعادتك لسه بندرس الموقف , لا يا افندم ملهومش نشاط سياسي , أو انتماء واضح , ماشي تحت أمرك , مع السلامة يا أفندم0
الوزير , التفت لسيادتهم وقال بلهجة قلقة آمرة , سعادة رئيس الوزراء بيأكد على ضرورة التعتيم الإعلامي 0
::::::::::::::::::::
صحف الصباح 0
نشرات أخبار العالم 0
تقارير عن [السائرون بالعكس ]
هكذا سميت الظاهرة 0
:::::::::::::::::::::::
في وزارة الداخلية , أوامر باعتقال كل من يشاهد يمشي بظهرة0
وفي السجون , والمعتقلات بلغ عدد المعتقلين ممن يمشون بظهورهم مليون مواطن, الأمر الذي دفع بوزير الداخلية إلى إعطاء أوامر بإخلاء سبيل المسجونين والمعتقلين جنائياً , ولما بدأ العدد في التزايد أعطى سيادته أوامر بالإفراج عن المغتقلين المعارضين والسياسيين 0
مرحلة التحقيق :\
في البداية كان السجن والتعذيب , لدفع السائرين بالعكس للكلام , لكن يبدو أنهم لم يكونوا في حاجة لهذا , فبمجرد اعتقالهم , كان لدى كل منهم الدافع للتحدث حتى يخلصوا نفسهم , ويخرجوا 0
المحضر :
المحقق : ليه بتمشي بظهرك 0
المتهم : أقول لسعادتك , احنا كلنا ملناش في السياسة , لكن لما العيشة بقت كرب , والقرش بقه بالتيلة , والجوع بالكيلة وفايض , فكر أول واحد فينا وقرر أن يسير بالعكس , يمكن لما يمشي بالعكس الزمن يرجع , تاني , لكن والله مالينا دخل بالسياسة الفكرة الأكل , عاوزين ناكل ونعيش , لا الحرية ولا السلطة في دمغنا , ولا عايزنها , بس نعيش 0
المحقق : يعني بتعترضوا على الواقع , وعايزين تقلبوا الوضع , وبتمشولي بالعكس , وبتقولي مفيش سياسة0
طب قولي مين زعيمكوا 0
المتهم معرفش لكن اللي قالي على الفكرة هو .... 0
ومن ده إلى ده وصلوا لأخينا 0
::::::::::::::::::::
جابوا اخينا
المحقق : انت السبب ؟ ايه افكارك دي؟
أخينا رد : والله يا باشا أنا قلت كده احسن من اني أموت وأطق , وبعدين أنا مكلمتش في السياسة ولا ضريت حد بس سعادتك , كنت بمشي بظهري لوحدي , والمشي عجب الباقي , وقلد من ده لده , والفكرة انتشرت 0
المحقق : انت متهم بمحاولة قلب نظام الحكم
صاحبنا : بالمشي ؟
المحقق آه بالعكس , والحكم يا سيدي اما اعتقال للموت , واما الموت 0
أخينا : يعني يا أموت يا أموت , طب اكتب عندك , سجل في تاريخكوا الأسود , أني لا فكرت في حكم ولا غيره , وان أهدافي كانت الأكل والعيشه عيشه هنيه , واني غلط لما سكت , وأني بلعن لحظات الصمت , وأني طهقت , ومنكوا زهقت 0
انت بتكتب , طب اكتب ان الحلم كان مشروع , وان ميزان العدل كان مقلوب , اكتب سجل , اني لعن كل لحظه فيها سكت , وكل اللي في لحظة اختار الصمت , اكتب سجل ان الشعب اللي اختار الصمت اختار الموت ببطء اكتب عندك , اني غلط , لما سكت , ولما جبنت واخترت امشي العكس 0
اكتب عندك اني لو ها احكم , ها احكم بالشنق مش على الشعب , ولا على الحُكم , لكن ها أحكم بشنق الصمت 0

::::::::::::::::::::::
في اليوم التالي خرج الكل إلا أخينا صاحب الفكرة أُعلن انه هيعدم 0
وخرج الشعب الخانع , وكان الخوف انه يثور , يمكن بينهم عدمي جديد , يفكر انه يعمل ساعة تسير بالعكس , يمكن بيها الخير هيعود , أو يمكن واحد تاني يفكر انه يحضر روح واحد من الثوار , يمكن يمكن 0
لكن ده محصلش عاد الشعب الخانع للصمت , ودار من تاني في الساقية الشغل الأكل الأولاد 0
وعاد الثوار يطالبوا باطلاق سراح بطل المشي , لكن هما كمان رجعوا الحبس , والنخبه الحاكمة ظلت حاكمة , والمعدوم أحلام الشعب , والمهزوم هو الشعب 0

:::::::::::::::::::