الجمعة، 29 يونيو 2007

قصيدة الكوليرا

قصيدة الكوليرا لنازك الملائكة
****************
***********
*******
****
*
سكَنَ الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كلِّ فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزَّقَـهُ الموت
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
* * *
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى , موتَى , لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
* * *
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداء
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
* * *
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مَزَّقَـهُ ما فعلَ الموتْ
------------------
كتبت القصيدة بمناسبة انتشار داء الكوليرا في مصر في العام 1947

الثلاثاء، 26 يونيو 2007

ورحلت رائدة الشعر الحر ...... ماتت نازك الملائكة


فقدت الحياة الأدبية العربية يوم الأربعاء 20 حزيران (يونيو) 2007 الشاعرة العراقية الرائدة نازك صادق الملائكة التي وافتها المنية عن عمر يناهز 84 عاما، إثر هبوط حاد في الدورة الدموية، بمستشفى السنابل في منطقة سراي القبة وسط العاصمة المصرية القاهرة، القاهرة التي انتقلت إليها بعد الحرب الأمريكية على العراق مع ابنها البراق0
نازك التي عانت من أمراض الشيخوخة في الأيام الأخيرة و تدهورت صحتها يوم الأربعاء فجأة ,ثم فارقت الحياة وشيعت جنازتها ظهر الخميس,ودفنت بمقبرة للعائلة غربي القاهرة, لم نلتق بها , ولم نتحاور معها , إلا أننا استخدمنا معينها الأدبي والفكري لإجراء هذا الحوار الافتراضي معها0
**الشاعرة نازك صادق الملائكة حدثينا عن نشأتك وتأثيرها على حياتك الأدبية ؟
ولدت في بغداد يوم 23 أغسطس عام 1923 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر فكانت أمي الشاعرة [سلمى عبد الرزاق] تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو (أم نزار الملائكة) , أما أبي صادق الملائكة كان يعمل أستاذاً وترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا , فتربَّيت على الدعة وهُيئت لي أسباب الثقافة,وما أن أكملت دراستي الثانوية حتى انتقلت إلى دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 بدرجة امتياز , كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة ، ثم درست اللغات اللاتينية والانجليزية والفرنسية وتوجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية للاستزادة من معين اللغة الانكليزية وآدابها عام 1950, حيث حصلت بعد عامين على شهادة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكنسن ,وعملت أستاذة مساعدة في كلية التربية ببغداد ثم بجامعة البصرة ثم بجامعة الكويت0
**الملائكة لقب العائلة , فترى لماذا أطلق عليها؟
الملائكة لقب أطلقه على عائلتي بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية0
**معروف أنك بدأت كتابة الشعر وأنت في العاشرة من عمرك , فمتى نُشر أول ديوان لك ؟
نشر ديواني الأول " عاشقة الليل " في عام 1947 ، وكانت تسود قصائده مسحة من الحزن العميق , حتى قال عنه الناقد مارون عبود إنه كيفما اتجه القارئ في ديوان عاشقة الليل لا يقع إلا على مأتم ، ولا يسمع إلا أنيناً وبكاءً ، وأحياناً تفجعاً وعويلاً 0
**قصيدة الكوليرا , وضعتك في مقدمة أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي0
صحيح , فقد نُشرت هذه القصيدة بعد صدور ديواني الأول (عاشقة الليل) بأشهر قليلة ببغداد , فسجلت اسمي في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (1926- 1964) الذي نشر في العام نفسه قصيدته (هل كان حبا؟) واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر0
**كيف واتتك فكرة تحرير القصيدة العربية , من قيد قالب الشطرين المعتاد ؟
بعد صدور ديوان عاشقة الليل بأشهر قليلة عام 1947 ,انتشر وباء الكوليرا في مصر الشقيقة ، وبدأنا نسمع الإذاعة تذكر أعداد الموتى يومياً، وحين بلغ العدد ثلاثمائة في اليوم انفعلت انفعالاً شعرياً، وجلست أنظم قصيدة استعملت لها شكل الشطرين المعتاد، مغيرة القافية بعد كل أربعة أبيات أو نحو ذلك، وبعد أن انتهيت من القصيدة، قرأتها فأحسست أنها لم تعبر عما في نفسي، وأن عواطفي ما زالت متأججة، وأهملت القصيدة وقررت أن أعتبرها من شعري الخائب الفاشل وبعد أيام قليلة ارتفع عدد الموتى بالكوليرا إلي ستمائة في اليوم ، فجلست ونظمت قصيدة شطرين ثانية أعبر فيها عن إحساسي، واخترت لها وزناً غير القصيدة الأولى، وغيرت أسلوب تقفيتها ظانة أنها ستروي ظمأ التعبير عن حزني، ولكني حين انتهيت منها شعرت أنها لم ترسم صورة إحساسي المتأجج، وقررت أن القصيدة قد خابت كالأولى، وأحسست أنني أحتاج إلى أسلوب آخر أعبر به عن إحساسي، وجلست حزينة حائرة لا أدري كيف أستطيع التعبير عن مأساة الكوليرا التي تلتهم المئات من الناس كل يوم .
وفي يوم الجمعة 27/10/1947 أفقت من النوم، وتكاسلت في الفراش أستمع إلي المذيع وهو يذكر أن عدد الموتى بلغ ألفاً فاستولى علي حزن بالغ، وانفعال شديد ، فقفزت من الفراش، وحملت دفتراً، وغادرت منزلنا الذي يموج بالحركة والضجيج يوم الجمعة، وكان إلى جوارنا بيت شاهق يبنى، وقد وصل البناؤون إلى سطح طابقه الثاني، وكان خالياً لأنه يوم عطلة العمل، فجلست على سياج واطئ، وبدأت أنظم قصيدتي المعروفة الآن (الكوليرا) وكنت قد سمعت في الإذاعة أن جثث الموتى كانت تحمل في الريف المصري مكدسة في عربات تجرها الخيل ، فرحت أكتب وأنا أتحسس أصوات أقدام الخيل:
سكن الليل
أصغ، إلى وقع صدى الأنات
في عمق الظلمة، تحت الصمت، على الأموات
ولاحظت في سعادة بالغة أنني أعبر عن إحساسي أروع تعبير بهذه الأشطر غير المتساوية الطول ، بعد أن ثبت لي عجز الشطرين عن التعبير عن مأساة الكوليرا، ووجدتني أروي ظمأ النطق في كياني، وأنا أهتف:
الموت، الموت، الموت
تشكو البشرية تشكو ما يرتكب الموت
وفي نحو ساعة واحدة انتهيت من القصيدة بشكلها الأخير , وركضت بها إلى أمي فتلقفتها ببرودة، وقالت لي: ما هذا الوزن الغريب؟ إن الأشطر غير متساوية، وموسيقاها ضعيفة يا ابنتي ، ثم قرأها أبي ،وقامت الثورة الجامحة في البيت، فقد استنكر أبي القصيدة وسخر منها واستهزأ بها على مختلف الأشكال، وتنبأ لها بالفشل الكامل، ثم صاح بي ساخراً: وما هذا الموت الموت الموت,. وراح أخوتي يضحكون وصحت أنا بأبي:
قل ما تشاء، إني واثقة أن قصيدتي هذه ستغير خريطة الشعر العربي .
**وبالفعل غيرت هذه القصيدة خريطة الشعر العربي ؟
نعم فقد كانت أول قصيدة حرة الوزن تنشر ,وكنت قد نظمت تلك القصيدة 1947 أصور بها مشاعري نحو مصر الشقيقة خلال وباء الكوليرا الذي دهمها وقد حاولت فيها التعبير عن وقع أرجل الخيل التي تجر عربات الموتى من ضحايا الوباء في ريف مصر, وقد ساقتني ضرورة التعبير إلى اكتشاف الشعر الحر.
**كانت هذه القصيدة بمثابة انطلاقة لرائدة الشعر العربي الحديث , فتوالت أعمالك الأدبية بعدها ..
نعم فقد توالت دواوين التالية,ومنها (شظايا ورماد) عام 1949 و(قرارة الموجة) عام 1957 و(شجرة القمر) عام 1968 و (يغير ألوانه البحر) عام 1970, كما صدر لي عام 1997 بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها (الشمس التي وراء القمة).
ومن بين دراساتي الأدبية (قضايا الشعر الحديث) عام 1962 و(سيكولوجية الشعر) عام 1992 فضلا عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها (التجزيئية في المجتمع العربي) عام 1974 0
**بالرغم من غياب نازك الملائكة عن المنتديات الثقافية في السنوات الأخيرة فإنها ظلت في دائرة الضوء وحصلت على العديد من الجوائز ...
هذا صحيح, فبالرغم من أنني عشت سنواتي الأخيرة بعيدة عن الأضواء لدرجة أن أكثر من شائعة انتشرت عن وفاتي، حيث أنني بعد أن استقلت من جامعة الكويت عام 1982 وعُدت لبغداد ظللت بعيدة عن الإعلام, وانتقلت إلى القاهرة بعد عام 1994 , إلا أنني حصلت على جائزة البابطين عام 1996 وجاء في قرار منحي الجائزة أنني[شقت منذ الأربعينيات للشعر العربي مسارات جديدة مبتكرة وفتحت للأجيال من بعدها بابا واسعا للإبداع دفع بأجيال الشعراء إلى كتابة ديوان من الشعر جديد يضاف إلى ديوان العرب... نازك استحقت الجائزة للريادة في الكتابة والتنظير والشجاعة في فتح مغاليق النص الشعري]0
كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 أيار(مايو) 1999 احتفالا لتكريمي بمناسبة مرور "نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي" وشارك في الاحتفال الذي لم أشهده لمرضي .شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون إضافة إلى زوجي الراحل الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابني الوحيد البراق0
وفي يوم الأربعاء 20 حزيران (يونيو) 2007 ,ماتت نازك الملائكة في قاهرة المعز، وبغدادها / عراقها يعيش وباء الموت تماما كما كتبت قبل ستين عاما عن وباء الكوليرا في مصر ...
استيقظ داء الكوليرا...
حقدا يتدفق موتورا الجامع مات مؤذنه...
الميت من سيؤبنه.
موتى موتى ضاع العدد..
موتى موتى لم يبق غد 0
ملحوظة استخدم الكاتب في صياغة تأبينه على اقتباسات من كتابات نازك الملائكة في كتابها [قضايا الشعر المعاصر ]0
واستخدم تيار جديد ظهر في الصحافة الغربية يطلق عليه قالب الحوار مع ميت يعتمد في الأساس على الاستعانة بكتابات
الشخصية لصياغة الحوار المفترض 0_

الجمعة، 22 يونيو 2007

صراع مع شيطان يسكنني

لماذا انا شاحب بهذا الشكل , وما هذا الذي ينازعني السيطرة على جسدي , وأي رغبة في التحدي هذه أملك 0في صراع مانوي , أسطوري , بين قوة خفيه شيطانية , وبين روح بشرية ضعيفة , وجدت نفسي متورط في هذا الصراع الوجودي , أنه الصراع على جسدي 0بدأ الصراع مع هذه القوة بترديدي سور من القرآن , بدأت بالمعوذتين والإخلاص , وتصاعدت وتيرة الصراع , كأنه يرفض أن يسمع ما أقرأ , بدأ يخنقني , وكأني غارق في بركة ماء ,أحسست أن روحي كادت تفارقني وتخذلني وتترك جسدي فريسه لهذا الشئ , تزايدت وتيرة الصراع وقوته مع ترديدي مجموعة من الأحاديث والأذكار وآيات أخرى لا أتذكرها 0في هذه الأثناء انتبهت إلى المشهد( تماماً كأنني خرجت من صراع داخلي يحتويه جسدي لآخر خارجي يحتوي جسدي) 0في صراعي الخارجي رأيتني في حمام واسع , أحارب جسدي , أو بالأحرى شيئا خفياً يسكن جسدي , اتضحت ملامح الصورة أكثر وأكثر كأن هناك ما ينزع ملابسي , يمزق قميصي أو جلدي فلا أتذكر أنني كنت مرتدياً شيئاً ,جذبني من يدي المقيدتين إلى عنقي كأني فرعوني منقوش على جدران معبد آموني , جذبني إلى طرف آخر من هذا المكان الرحب لأجد نفسي أمام مرآة كبيرة لم أرى فيها جسداً غير جسدي , إلا أني رأيته ليس بعيني , لكنني وجدته ولا أدري كيف 0أثناء هذا المشهد كان صوتي يعلو بالذكر, كنت أراه يضعف, تماما كما أنا, قررت الاستمرار في المواجهة, رغم تصاعد حدة الصراع 0كان هناك شئ يقيني داخلي أن نتيجة هذا الصراع نتيجة حاسمة لا تقبل التخاذل والخسران ,وثاورني تساؤل غريب , لماذا أنا من يصارعة وهو في جسدي , ودون أن يساعدني أحد , ولماذا نتواجه في هذا المكان0ها أنا أقرأ آية الكرسي , وهنا أحسست انه انهزم , وأن نفسي بدأ يعود ملكي , أو هو عاد فعلا , ودون أن أرى شكله , توعدني وهو واقف أمامي ,وبدوري ظللت أردد ما أحفظ من سور وأذكار 0هنا أستيقظت من ثباتي , جلست على السرير , ظللت أفكر فيما كنت أحلم , ولم أتذكر , نفضت عني أفكاري , وقمت لأصلي العصر , ثم جلست أقرأ في كتاب كان بجواري , دون أن أفكر فيما كان الحلم , فعاده ما أنسى ما أراه في نومي 0وفجأه قفز في ذهني الصراع من بدايته , وكأني أشاهده مرة أخرى في صحوي , أنقبض قلبي حتى تذكرت النهاية , وأنني طردته من جسدي , لكن أمنية واحدة غزت عقلي ورددها لساني [ أتمنى حقاً أن أكون انتصرت عليه ]0

الأربعاء، 20 يونيو 2007

السقوط

فوبيا السقوط,مرض أصابني منذ الصغر,لم يقلقني يوما أو يرهقني الصعود إلى القمة, لكن ما كان يرهقني دوما هو النزول , فجل ما أخافه هو السقوط عند الهاوية من جديد 0
فالأصعب من الوصول للقمة, هو المحافظة عليها.....
أذكر أنني كنت أخشى تسلق شجر التوت,وكنت أعتمد على أخي وصديقي(محمد الأبيض,والأبيض هي صفة لقلب هذا الرجل,ولكنها تتناقض تماما مع لون بشرته ),كنت أعتمد عليهما في هز الشجرة لآكل من أسفلها,لم يكن تسلق الشجرة هو ما يريعيني , ولا البقاء عليها والتقاط حبات التوت الجميلة واكلها مباشرة , لكن ما كان يرعبني هو النزول , فكلما حاولت النزول , خالجني هذا الرعب الفظيع من السقوط 0 والآن وبعد كل هذا الزمن , لا يزال خوفي من السقوط يتحكم في وفي قراراتي , لا أزال أحسب ألف حسابا وحساب للسقوط , فكثيرا ما صعدت لقمم ما , دون عناء , ودون تعقيدات وتنازلات , لكني في أحيان كثيرة حقا , سقطت عن القمة في غفلة مني , وحينها تألمت على الماضي ,,,,,

السبت، 16 يونيو 2007

ذكريات

(1/ما لا نهاية)

خبا ضوء ما , شئ ما انطفأ داخلي , ليصير الملل , والضجر , وشلل الدماغ , وصف حالي الآن ....
قلمي انقصف , قصفته حالتي تلك , أنستني الكتابة , والقراءة, ومؤلم أن تكتب لأجل لقمة العيش , وتشعر أن بداخلك موج عارم لا تكتب عنه , لا تجد الدافع , رغم أن بواعث الكتابة تموج بمخيلتك , ماذا تكتب , سؤال محسومة إجابته , لكن السؤال الأكثر جدلية يكون لماذا تكتب , حرف اللام , يشكل فرقا كـ (لومك) ذاتك , على كونها هي هي ..
تراني سأستعيد عزيزي هذا الذي فقدته, أم أنه رحل عني بلا العودة ...
القراءة طقس آخر فقدته, وافتقدته, عام كامل ولم أقرأ غير كتابين اثنين, أتساءل دوما كيف صار الكتاب كحبيتي القريبة من يدي البعيدة عن قلبي, وكيف أُصيب عقلي بهذه الحالة المخزية, التي تشبه أكسدة الهيموجلوبين ؟
وكيف يسير يومي بهذه السرعة وهذا البطء , يسير بسرعة كأنه ينتهي حيث بدأ , وببطء كأنه وقف حيث ابتدأ .....
اليوم , ينقرض , يموت , أربع وعشرين ساعة , تنتهي وحالي هي حالي , أسبوع , وشهر , ولا جديد , ومن داخلي لا جديد 0
ماذا خبا داخلي , أهو الأمل , أم هو العزم .... لا أدري , أي شئ خبا داخلي وانطفأ نوره ليحيلني إلى هذه الحالة , البين بين من جديد .
بين الحياة والموت , بين السعادة والتعاسة , والوجود بين الجنة والنار هو قمة الشقاء , حيث ترى النعيم ولا تنعم به , وتذق العذاب ولا تشفى منه ....
ما السبب يا ترى ؟
أتراه البعد عن المحبوبة .... أتراه السقم من الغربة ؟
لا أدري .......
الآن , ولهذه الحالة المزرية التي أعانيها , قررت العودة إلى الماضي , عساني حين أراجع دفاتر خلت من حياتي أستعيد هذا الشيء المفقود 0

الخميس، 14 يونيو 2007

من عدوكم يا عرب؟

من العدو؟ , سؤال يبدو غبياً , إذ كيف نتسائل عن العدو , والعداء جلي كما الصداقة 0
في السياسات الدولية تصنف الدول طبقا لقربها أو بعدها عن حالة العداء , فتلك دولة عدو وتلك عدو مرشحة لأن تكون صديقة , وهذه صديقة وهذه صديقة لكنها مرشحة لأن تكون عدو 0
وبالقطع التقسيم هنا لا يعتمد لا من قريب ولا من بعيد عن المشاعر القومية الصرفة بقدر ما يعتمد على قياس المصالح القومية للدولة , ومدى تعارضها أو توافقها مع هذه الدولة في العصر الحالي , بل وفي المستقبل , لذا صنفت السياسة الأمريكية في الماضي الاتحاد السوفيتي كعدو أحمر , والصين كعدو أصفر , والعرب كعدو أخضر 0
التصنيف بالقطع لم يعتمد على خيالات أو تخيلات , ولا مشاعر وأحلام , التصنيف كان براجماتية بحته لحساب مدى تعارض مصالح القوة العظمى الحالية , وهذه الأمم الثلاث 0
ولما انهار الاتحاد السوفيتي , زال معه التهديد الأحمر ليبقى , الأصفر والأخضر , ولما كانت كل اتجاهات الصين في المرحلة الحالية تنصب على التكور حول الذات لبناء قدرات العملاق الصيني قبل انطلاقة للخارج , صار الخطر الأول هو الخطر الثالث في التراتب سابقاً0
الغبي وحده هو من يغمض عينيه , خوفا من الخطر , وهذا ما فعله العرب , أغمضوا أعينهم عن تعارض المصالح الامريكية العربية , وتوحدها مع العدو الأول إقليميا إسرائيل, بل وتماهوا في الثقافة الأمريكية لا في جوهرها لكن في قشورها , فصوبوا نحو اللاشئ فأصاب الأخير أعينهم 0
العرب لم يكتفوا بهذا الأمر , بل تمادوا في غفوتهم وغفلتهم عن التهديد الحقيقي للمصالح العربية , وانشغلوا عنه بمشاكل فجرها عدوهم , وأججتها أنظمتهم الغابنه لاحكام سيطرتها على شعوبها من جهه , ولاشغالهم عن واقعها الضعيف والمهمش دولياً 0
ففي فلسطين السليبة , تحولت القضية من مواجهة الاحتلال لمواجهة رفقاء السلاح , التحول لم يأتي مفاجئا , ولكنه جاء عندما ضاعت القضية , وتاهت معالم العدو , وانتشر الوهن (حب السلطة), جاء بتغذية ذكية من الاحتلال , الذي اقنع البعض بالسلام , وتشدد معه في ضرائب السلام المزعوم , وساومه تاره على حق العودة ,وأخرى على الأرض , وثالثه على السلطة المركزية , ورابعة على عدد محدود من معالم السيادته , لتتوه معالم القضية , وتتضائل أمام ناظري الفرقاء الفلسطينيين 0
ولأنها تضاءلت فيما تضاءلت لتصل إلى حد ما يسمى بالسلطة الفلسطينية , كان التحول والتشوه للقضية الأساسية , واختزالها في السلطة , كان اختزال الحق الفلسطيني المشروع في انهاء المعاناة اليومية للفلسطينيين , لتتوه فلسطين الوطن والمواطن , أمام فلسطين الشارع اليومي , وحتى هذا تحول إلى أسوأ وأسوأ بتقاتل رفقاء السلاح فيه , لتختلط الأوراق وتزيد معاناة الشارع , مع تزايد سكرات احتضار القضية0
لذا يثاورني التساؤل , من عدو فلسطين اليوم 0
وفي العراق الذي سلب ونهب , واحتل بمشاركة عربية تمثلت في أقل ما تمثلت فيه في صمت مخز أمام سنابك خيل العدو الأمريكي الذي جاء ليحرر الشعب العراقي بتوجيه آلياته المدججة بالسلاح إلى قلب هذا الشعب بعد اسقاط النظام الظالم , ليولد ظلم جديد , يباري القديم في عنفه وجيره , بل وصل الأمر إلى مباركة البعض من العراقيين والعرب للاحتلال الأمريكي الذي جاء ليحرر بغداد من نير الظلم البعثي 0
هكذا اختزلت القضية العراقية , كيف ننتقم من الظلم البعثي الصدامي , والآن ها هو سقط وأنتهى , فأين العراق , وأين العدل والحرية , بل وأين الأمان المطلب الثالث في مدرج الاحتياجات 0
الاحتلال الذي أراد أحكام سيطرته على موارد هذا البلد , والذي واجه مقاومة شرسة لوجوده , ممن لا يهم , أراد بعد أن أنتهت آلية تشوية القضية العراقية الأولى أن يختلق آلية أخرى , فكانت الفتنة الطائفية , التي صارع إلى ترجمتها واقعيا المتعاونين معه من العرب , وبعض الأغبياء الذين سارعوا بالتورط في الأمر 0
واليوم بعد التفجير الثاني لمرقد الأمامين في سمراء , وتفجير عدة مساجد ردا على ذلك , رغم اتهامات قيادات شيعية للاحتلال بالضلوع في التفجير , ورغم مناشدة القيادات الشيعية والسنية أتباعهم بضبط النفس وعدم التورط في الفخ المحاك للشعب العراقي , ترى من العدو , وممن سيكون القصاص 0
لبنان الذي يبدو أنه يهرول أكثرية ومعارضة نحو حافة الحرب الأهلية الثانية , وكأن قيادات هذا الوطن المسخم بجراحة لا يعبئون بما تمثله ممارساتهم من تهديد بتفجر الحرب ,لبنان الذي تشوهت قضيته , واختزلت سيادته في احتكار هذا الفريق أو ذاك للحياة السياسية , لبنان الشعب الذي لم يفق بعد من تبعيته لقادته الغير عابئين به وبحياته 0
لبنان الذي تعرض لعدوان اسرائيلي في الصيف الفائت , وخرج منه لا يعرف من العدو , خرج منه بسلسلة عداء داخلية , لتتوه القضية بين الصراع على السلطة , و سيادة الدولة , بل ومكونات الدولة 0
وأخيراً إيران وسوريا , المرشحين بقوة للتعرض لضربة اسرائيلية أمريكية مشتركة في القريب , بعد أن تحولا إلى حد ما إلى عدو للدول العربية الأخرى , فإيران الدولة الشيعية الساعية لفرض التمذهب الشيعي , وهي القوة الإقليمية المتسلطة الساعية لفرض سيطرتها على دول المنطقة , وسوريا هي وصيف إيران وخادمة مخططاتها في المنطقة , وهي العقل المدبر لتفجير الأمن اللبناني ,وهي وهي ....
من كل هذه القضايا التي تعج بها المنطقة , التي تدو أنها تموج فوق أتون مشتعل , يبقى في ذهني تساؤل واحد , رغم أني أعرف أجابته , ترى من هو العدو ؟ ومن هو الصديق , ومن هو مشروع العدو , ومن هو مشروع الصديق؟؟؟؟
ثم من هو العدو الاستراتيجي ومن هو العدو التكتيكي ؟ الغريب والمثير للدهشة أن أجابة هذه الأسئلة لا تحتاج عقلا خارقاً لفهمها , بل هي تبدو مفهومه للفرقاء قبل المشاهدين من الشعوب , لكن الخلل قد يبدو أول ما يبدو في التعاطي مع حقيقة تصنيف العداء والصداقة سواء من ناحية النوع أو الدرجة 0

الجمعة، 8 يونيو 2007

النظام السياسي في الإسلام

بين الثيوقراطية , والدجماطيقية , بين الديكتاتورية والأوتوقراطية , تتأرج توصيفات الكثيرين للنظام السياسي الإسلامي ,ولأنه يظهر كالحل الوحيد والمنقذ لهذه الأمة مما آلت أليه أوضاعها , ولأنه ليس محدد المعالم , وجامد الشكل , وليس منصوص على شكله في الشريعة الإسلامية , تبقى القراءة المتأنية لوضع تصورات جديدة تقترب من النص ومبادئ الشريعة , وتبتعد عن مساوئ التطبيق الذي أصبح في كثير من الأحيان كاللاشئ الذي يصيب أعين من يُنظِر لتطبيق النظام السياسي الإسلامي 0أحب أن أشير في معرض حديثي هنا أنني أتحدث عن النظام السياسي الإسلامي كفلسفة سياسية, لا كواقع تطبيقي 0ونبدأ بعرض موجز لمبادئ النظام السياسي في الاسلام , يستقي النظام السياسي الإسلامي وجوده ومن ثم مبادئه من الشريعة الإسلامية , وتؤكد الشريعة على ثلاث مبادئ لهذا النظام وهي , العدل , والمساواة , والشورى 0العدل , يقول الله تعالى: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)0وإن كان العدل نسبي على الأرض , نظراً لنسبية الانسان نفسه , إلا أنه غاية تشد لها الهمم , وتنشد الشريعة الإسلامية السعي إليها, فتحقيق العدالة هدف منشود سواء العدالة السياسية أو الإجتماعية أو الإقتصادية 0المبدأ الثاني , المساواة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس سواسية كأسنان المشط) , كما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته ،أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ) 0 ويذكر أن يهوديا خاصم عليا – رضي الله عنه – فحضر الخصمان فنادى عمر عليا بقوله :(( قف يا أبا الحسن – ليقف بجانب اليهودي –فبدا الغضب على وجه علي –رضي الله عنه –فقال عمر رضي الله عنه: أكرهت أن نسوى بينك و بين خصمك في مجلس القضاء؟ فقال :لا ، و لكني كرهت منك أن عظمتني في الخطاب و ناديتني بكنيتي ))0والمساواة هنا تعني المساواة الإنسانية الرحبة , وعدم التفرقة بناء على الجنس أو النوع أو الدين أو الشكل , وتعني أيضا المساواة أمام الشريعة ,وأمام القضاء 0الشورى , ثالث مبادئ نظام الحكم في الإسلام, يقول تعالى (فَبِمَـا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)0ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:(ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم) 0ونظام الشورى هو ديمقراطية الإسلام في الحكم والمجتمع، والشورى أمر ملزم في الاسلام , وهو لا يعني مجرد الاستشارة أثناء اتخاذ القرار , لكنه يعني بجانب هذه الشورى , شورى أخرى للأمة بالاعتراض أو الموافقة على القرار فيما بعد اتخاذه , وهي نوعان شورى البيعة وحق أختيار الحاكم , و الشورى بين الحاكم المنتخب وبين الأمة, كما أن للأمة حرية أبداء الرأي , وهو يعني الحكم على القرار , وعلى الحاكم أن يأخذ هذا الأمر في الحسبان 0
لمزيد من المتابعة طالع العاصفة

الأربعاء، 6 يونيو 2007

وصية شهيد, الرصاص والبندقية ليسا القضية

أمي , أسعدي , ها أنا أزف عريساً للجنان , ها أنا أرحل كالرجال , بعض شظايا القذائف وكثير من الرصاصات , وفي أذني أزير طائرة ربما أكثر لا أدري , كل شيء صار سريعا , وفي لحظات وجدت نفسي صريعاً 0 حشرجتي ,وآلامي ,وسيلٌ ,شرع في النضوب من دمائي , وأحزان على وطني المتصارع داخلياً , والمتغافل عن بنادق العدو ببنادق الشقيق ,..................آهة آه , بنادق الشقيق , وتدور بالشهيد الذكريات , يتذكر عندما وقف الحمساوي والفتحاوي ضد جنود الاحتلال , يتذكر أيام اجتياح غزة , يتذكر رائحة الموت في مخيم جنين , يبحر في الذكريات يتذكر سقوط أخيه الفتحاوي شهيداً على يد جنود الاحتلال , وإلى جواره صديقه الحمساوي الذي أصابه نفس القناص وبنفس نوع الرصاص ونفس نوع البندقية 0الرصاص , والبندقية , تلك هي القضية , كلمات اخترقت ذكريات الشاب القمحي اللون , كيف لنا بالرصاص لحشو البندقية , وكيف لنا بالبندقية لردع الاحتلال , وحماية النساء والأطفال والشيوخ , وحماية القضية 0يقترب صوت بوق سيارة الإسعاف,ويلقى بجسد الرجل الذي ينازع الحياة والموت في آن واحد داخل السيارة التي تنطلق صوب اللاشيء 0القضية , ما القضية , أهي الأرض العبقة التي ننازع الاحتلال عليها , أم هي قاطني الأرض , أفلسطين الإنسان أم فلسطين الأرض , القضية , ما القضية , ثم يرد , وماذا تكون غير الدمج بين هذا وذاك , بين أبي وحقل أبي , بين أمي وبيتنا,بين جدي وقبر جدي , بين خطيبتي والحي الذي تقطنه , وقبل الحقل والقبر والبيت , يأتي الأب والأم والجد والحبيبة 0تصل السيارة إلى مستشفى غزة, ويعرى الجسد المستنفذة دمائه, شظايا قنابل, ورصاصات مختلفة وعقل يقسم أن الشعب الفلسطيني هو القضية, وعلبة رصاص وبندقية, كانت معده لمواجهة الاحتلال, للدفاع عن الأهل والأرض, تلك القضية , تلك القضية0تمشي العقارب حثيثة, تقتات من دمائه, تأتي أمه تهوى على وجهه بالقبلات , يبتسم في وجهها , ويجفف دمعات مقلتيها ويقول لها , أمي لا تبك واحمدي الله لقد مت شهيداً برصاص الاحتلال ومن أجل القضية , احمدي الله لم يقتلني أخي ورفيق سلاحي وشريك القضية برصاص المذهبية,يتلعثم قليلا , ويشعر بدنو المطية فيتلو الوصية , أمي علمي أخوتي الصغار , أن الدفاع عن الأهل والأرض هما القضية , وانقلي عني لرفاقي أني أحذرهم من أن الاحتلال والاقتتال يقتاتان من القضية 0