الأحد، 16 مارس 2008

الرسالة الثانية

الرسالة الثانية:

سيدي الرئيس :
تحية طيبة وبعد ...
ولا زلت أسائلك ماذا بعد ؟
أحقا تنام قرير العينين , هل وسادتك المصنوعة من ريش النعام , وفراشك الطبي الجميل , المشبع بالعطور , تمكنك من النوم ...
إن كنت تنام مرتاح البال , فاسمح لي أن أقلق مضجعك قليلا , فكثيرا نمت هانئا , وشعبك يتقلب يمينا ويسارا قلقا من دين عليه , مقهورا أمام طلبات صغيرة لأولاد لم تتجاوز أعمارهم أصابع اليدين , ولربما اليد الواحدة.
بالأمس عرفت هذا الخبر الشؤم , مات عم حسانين , لقى ربه مجاهدا مخلصا , مات الرجل الذي لم يسترح يوما , مات الرجل وهو يجاهد لأجل لقمة العيش ؛
ماذا أقول لك , لقد استرد الله وديعته, ولا راد لقضاء الله.
لكن دعني أحدثك عن شيم هذا الرجل الجميل,لم يكن يرى أولاده في اليوم إلا دقائق معدودة , بل ولم يكن يهتم بلقائهم , كان يخرج فجراً سعيا في طلب الرزق, ويعود قرب منتصف الليل , ويعمل طول هذه الفترة بلا كلل أو ملل 0
لم يكن يحلم ببيت جديد , ولا سيارة فارهة , كان كل همة توفير لقمة العيش لأولاده ,وبالكاد كان يفعل, والكاد يعني دائرة مفرغة من العمل المتواصل , ويا لهذا الجسد الذي لم يسترح يوما .
كان الرجل أسمر البشرة, لكن أشعة الشمس الحارقة لفحته وقربت بشرته من السواد , قصيرة كانت قامته , عالية كانت همته .
أجابني من أخبرني بوفاته , عندما سألته كيف مات , قائلا : مات ودرعه إلى جواره , مات واقفا في زمن انحنت في القامات, مات يحلم بكسرة خبز تقيه وأولاده الجوع, وقطعة ثوب تحميهم من برد الليل وأعين النهار.
مات مناضلا , وربما كان من داخله يشعر بالغبن والقهر , لكنه أبى الاستسلام – لا كتب الله عليك هذا الشعور - .
اليوم وبعد أن مات , ولقى ربه , استراح بدنه المرهق , واستراح هو من هم دنياكم وحكمكم .
لكن هل انتهت قصة عم حسانين, ....
فقط انزل في الشارع , وسر مرة بلا حرسك , وبلا موكبك , لترى ثلاثين مليون عم حسانين0
بمناسبة موكبك ,أنت ووزراءك , ترى كم يكلف مصر , كم شخص سيسد جوعه بمثل هذا الثمن ؟
كم شخص مات حلمه بسبب موكبك , كم شخص فشل في الالتحاق في وظيفة سعى لها شهور , لتأخره ساعات وربما دقائق بسبب مرور موكبك من هذا الشارع أو ذاك,
كم طالب لم يلحق الامتحان بسبب مرور جنابكم بالقرب من جامعته أو مدرسته ؟
سيدي الرئيس , ترى أتذكر كم عدد مواطنيك الذين ماتوا في دول الخليج نتيجة البرد القارس الذين تعرضوا له خلال الأشهر الماضية .
الموت بردا , أسألتك نفسك مرة ذات مرة , كم هو قاس وبطيء , أسألت نفسك , ماذا دعا هؤلاء ربهم خلال لحظاتهم الأخيرة .
ربما دعوه بأن يتركهم الموت حتى يربوا أبنائهم,وعندما شعروا أن الأمر قد قضي , ولا مناص, دعوه أن يحمي أبنائهم من الموت بذات طريقة موتهم , ربما استودعوهم أمانة عنده,راجينه تعالى ألا يكتب عليهم ما كتبه على آبائهم,ربما دعوا الله أن ينتقم لهم , وربما دعوه إلى أن يغفر لهم .
لكنهم بالتأكيد لم يرغبوا في الحياة لذواتهم , فقد ذاقوا الأمرين في دنياهم .
ربما ابتسموا للموت , وربما بكوا على حالهم , وربما ارتعشوا من البرد , وربما من نشوتهم براحتهم من حياتهم , وربما خوفا على أبنائهم , وربما قلقا مما آتاهم .
سميحة يا ريس , بنت شابة حرة , الجوع قرصها , والفقر قهرها , ولأنها حرة رفضت بيع الهوى , حاربت وحاربت من أجل حفنة جنيهات تكفي لسد جوع أخواتها لكنها لم تجد في مصر حلا .
وعندما جاءها عرض للعمل في الخارج فرحت , ومنت نفسها بالعيش الرغد الهانئ , لكنها هناك في بلاد الغربة , وجدت نفسها مستهدفة , ووجدت حلمها سرابا .
هي الآن غانية , بائعة هوى , تستحم بقطرات دموعها في كل مرة تبيع جسدها.
تابت الآن , وأنابت , لكن كل ما يعلق في ذهنها الآن هو جسدها الرخيص , وكل ما يحمله جسدها هي ندبات صنعتها هي في حالات سخطها على جسدها الجميل , لكنها تخشى رغم هذا أن يجبرها الفقر على العودة .
محمد , شاب ذكي وطموح , جدع وابن بلد, اتخرج من الجامعة , ولم يجد غير المقهى , وساعات وأيام وشهور وسنين بطالة وقهر , فقرر الهرب للخارج .
محمد كان دمه حر , ولم يحن رأسه يوما لغير الله , لكن لقمة العيش كسرت قامته , وصار وافدا لا حقوق له , ولا هم له غير إرضاء كفيلة , حتى لا يرجع إلى أهله يلمم خيبته .
المواطنة , الآن جرح محمد الثاني , يقول دوما ساخرا , الخليجيون في بلادهم مواطنون ونحن وافدون , وفي مصر الوافد والزائر والسائح مواطن , ونحن وافدون , سألني مرة وهو يحتسي دمع مقلتيه , بعد حالة قهر نتجت عن تسلط كفيله عليه , أين ومتى سنصبح في مكان ما مواطنين ؟!!
سيدي الرئيس , في مصر , امرأة عجوز , تعيش في شقة مجاورة لرجل سبعيني , يقولا دوما أن العجز عجز الروح , وأن الجسد لا يهن , لكن العزيمة هي التي تهن ,فسألتهم عن عزيمتهم سخرا مني ,وقالا أي عزيمة ونحن لا نجد ما يطعمنا , ولا من يرحمنا ...
سيدي الرئيس , حقاً , ألا زلت تنام قرير العين ,
نم هانئا ,أعانك الله علينا , و لا نامت عيوننا.

خادمكم النصوح
مواطن مصري

الجمعة، 14 مارس 2008

رسالة إلى سيادة الرئيس

رسالة إلى سيادة الرئيس

الرسالة الأولى :
سيدي الرئيس
تحية طيبة وبعد ........
ماذا بعد ؟
ماذا بعد سبع وعشرين سنة من حكمك ؟ احتللت خلالها المرتبة الخامسة في قائمة أكبر عشر رؤساء في العالم سنًا، واحتلت مصر المرتبة الـسادسة والثلاثين في لائحة الدول الفاشلة؟
ماذا بعد انفجار التظاهرات في مصر, احتجاجا على الغلاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية 0
ماذا بعد لقمة العيش ليبكي المصيري عليه ؟ ليبقي عليه ؟
بكاء الجوع, وسخط البطن الفارغة, لن يكوي الفقراء وحدهم, قريبا سيغسل عن شوارع مصر ديكتاتورية قرن , من الحكم الفردي المتسلط .
هذه القصة المصرية القديمة الجديدة , صمت شعبي على مضض خوفا من قهر الآلية الشرطية التي كانت سابقا عسكرية ,تخترقه آهات وأنات , واعتراضات مثقفين , ودعوات معارضين , تلاقى بإرهاب , فصمت وموت .
ثم صرخات استغاثة عالية , من آلام الفقر , وشوارع تبكي جدرانها وتلعن الظروف الحياتية الصعبة , ووسائل مواصلات تضج بأنين الفقراء الذين يشتكون هموم بعضهم بعضا , بلا هدف , ولربما كثيرا بلا منصت , فقط تخرج الكلمات لغسل الداخل , لكن بقى الخوف أكبر من الغضب , ويبقى الخبز حاميا لنظامك العامر , وتبقى خزائن وزراءك , ولربما خزائنك عامرة بملايين ملايين الجنيهات .
ثم احتجاجات مثقفين على سلالم نقابة الصحفيين ,يحرس الواحد منهم مائة من جنود الأمن المركزي , ثم تتحرك الحركة لتكون في الشارع , ويتضامن معها الشارع , لا لشيء غير أنها صوت الشارع , فقهر واعتقالات وسحل , وبلطجة ,و ,و,و......
ثم تضامن الشعب مع الأخوان في الانتخابات التشريعية الأخيرة, لا لشيء غير أنها بدت البديل الوحيد لحكم جنابكم .
الغريب سعادتكم , أنكم لم تستوعبوا الدرس , وركنتم من جديد على قهر آليتكم الشرطية .
ولماذا نتعجب من هذا , ولا نتعجب من فشل فخامتكم في تلبية آمال هذا الشعب الذي وثق في جلالتكم , وصوت لكم في أول انتخابات شبه ديمقراطية في مصر , هل اعتقدتم أنها مبايعة أبدية , أم رأيتم أنه تسليم بديهي لكم , وكيف كذبتم مجددا على شعبكم الخادم الوفي , وأين برنامجكم الذي لم يمل التليفزيون الأبي الحر المستقل من إذاعته قبل وبعد وأثناء الفيلم ,في استباحة غريبة وعجيبة لأموال الدولة .
سيدي الرئيس , لقد كان شعبكم الخادم المطيع , وفيا معكم , ومنحكم آخر فرصة للبقاء ملكا على العزبة أقصد الجمهورية المصرية , لكنكم فشلتم فيها , واستشرى الظلم والفقر بين جنبات شعبكم ,,,,,
فترى ماذا تتوقعون بعد ؟,
سيدي الرئيس , تقبل من خادمكم وتابعكم الوفي هذا النصح , وإن رأيته تحذيرا -لا ضير- , وإن اعتبرته تهديدا - لا بأس- ؛
الآن صار ذهبكم بلا نفع, وسيفكم بلا جدوى ,فآلام الجوع , ودموع الأطفال , وبطالة الشباب, وهروبهم للخارج بجراح وطن لا تلتئم , وسوداوية المستقبل , والفساد المستشري الذي صار كماء النيل في حكمكم, والظلم الذي صار هواء مصر في عهدكم , وحياة المصري في ظل جلوسكم على كرسي مصر , لم تبق خيارا ليبك عليه أحد , ولم تبق للأمن أسلحة جديدة , فعذابنا في معتقلاتكم أهون من عذابنا خارجها ؛
سيدي الرئيس , لم يتخذ الشعب قرار إسقاطكم بعد , وإن كان خيار الخروج عليكم , والتظاهر ضد عذابات حكمك موجود , لكن الخوف الخوف , من تظاهرات الجوع , ومن غضب الجياع , ومن سخط المظلوم , ومن ثورة الجبان , فإنها لا تبق ولا تذر , فكن حصيفا كعادتك , وأقفز من المركب قبل أن تغرق , فإن الركاب الساخطين من قيادة ربانهم , يتسابقون لتلقينه العبر والدروس حال غرق السفينة.
سيدي الرئيس , أهرب فلن يكون هناك إدريس ليغلق الأبواب , ويمنع الظباط الأحرار من الدخول , بل والأهم , لن يكون هناك ظباط .
أهرب الآن وأتركها , فإن غرقت نجوتم أنتم , وإن طفت وأبحرت , نجوتم أنتم....
خادمكم النصوح مواطن مصري