الخميس، 14 يونيو 2007

من عدوكم يا عرب؟

من العدو؟ , سؤال يبدو غبياً , إذ كيف نتسائل عن العدو , والعداء جلي كما الصداقة 0
في السياسات الدولية تصنف الدول طبقا لقربها أو بعدها عن حالة العداء , فتلك دولة عدو وتلك عدو مرشحة لأن تكون صديقة , وهذه صديقة وهذه صديقة لكنها مرشحة لأن تكون عدو 0
وبالقطع التقسيم هنا لا يعتمد لا من قريب ولا من بعيد عن المشاعر القومية الصرفة بقدر ما يعتمد على قياس المصالح القومية للدولة , ومدى تعارضها أو توافقها مع هذه الدولة في العصر الحالي , بل وفي المستقبل , لذا صنفت السياسة الأمريكية في الماضي الاتحاد السوفيتي كعدو أحمر , والصين كعدو أصفر , والعرب كعدو أخضر 0
التصنيف بالقطع لم يعتمد على خيالات أو تخيلات , ولا مشاعر وأحلام , التصنيف كان براجماتية بحته لحساب مدى تعارض مصالح القوة العظمى الحالية , وهذه الأمم الثلاث 0
ولما انهار الاتحاد السوفيتي , زال معه التهديد الأحمر ليبقى , الأصفر والأخضر , ولما كانت كل اتجاهات الصين في المرحلة الحالية تنصب على التكور حول الذات لبناء قدرات العملاق الصيني قبل انطلاقة للخارج , صار الخطر الأول هو الخطر الثالث في التراتب سابقاً0
الغبي وحده هو من يغمض عينيه , خوفا من الخطر , وهذا ما فعله العرب , أغمضوا أعينهم عن تعارض المصالح الامريكية العربية , وتوحدها مع العدو الأول إقليميا إسرائيل, بل وتماهوا في الثقافة الأمريكية لا في جوهرها لكن في قشورها , فصوبوا نحو اللاشئ فأصاب الأخير أعينهم 0
العرب لم يكتفوا بهذا الأمر , بل تمادوا في غفوتهم وغفلتهم عن التهديد الحقيقي للمصالح العربية , وانشغلوا عنه بمشاكل فجرها عدوهم , وأججتها أنظمتهم الغابنه لاحكام سيطرتها على شعوبها من جهه , ولاشغالهم عن واقعها الضعيف والمهمش دولياً 0
ففي فلسطين السليبة , تحولت القضية من مواجهة الاحتلال لمواجهة رفقاء السلاح , التحول لم يأتي مفاجئا , ولكنه جاء عندما ضاعت القضية , وتاهت معالم العدو , وانتشر الوهن (حب السلطة), جاء بتغذية ذكية من الاحتلال , الذي اقنع البعض بالسلام , وتشدد معه في ضرائب السلام المزعوم , وساومه تاره على حق العودة ,وأخرى على الأرض , وثالثه على السلطة المركزية , ورابعة على عدد محدود من معالم السيادته , لتتوه معالم القضية , وتتضائل أمام ناظري الفرقاء الفلسطينيين 0
ولأنها تضاءلت فيما تضاءلت لتصل إلى حد ما يسمى بالسلطة الفلسطينية , كان التحول والتشوه للقضية الأساسية , واختزالها في السلطة , كان اختزال الحق الفلسطيني المشروع في انهاء المعاناة اليومية للفلسطينيين , لتتوه فلسطين الوطن والمواطن , أمام فلسطين الشارع اليومي , وحتى هذا تحول إلى أسوأ وأسوأ بتقاتل رفقاء السلاح فيه , لتختلط الأوراق وتزيد معاناة الشارع , مع تزايد سكرات احتضار القضية0
لذا يثاورني التساؤل , من عدو فلسطين اليوم 0
وفي العراق الذي سلب ونهب , واحتل بمشاركة عربية تمثلت في أقل ما تمثلت فيه في صمت مخز أمام سنابك خيل العدو الأمريكي الذي جاء ليحرر الشعب العراقي بتوجيه آلياته المدججة بالسلاح إلى قلب هذا الشعب بعد اسقاط النظام الظالم , ليولد ظلم جديد , يباري القديم في عنفه وجيره , بل وصل الأمر إلى مباركة البعض من العراقيين والعرب للاحتلال الأمريكي الذي جاء ليحرر بغداد من نير الظلم البعثي 0
هكذا اختزلت القضية العراقية , كيف ننتقم من الظلم البعثي الصدامي , والآن ها هو سقط وأنتهى , فأين العراق , وأين العدل والحرية , بل وأين الأمان المطلب الثالث في مدرج الاحتياجات 0
الاحتلال الذي أراد أحكام سيطرته على موارد هذا البلد , والذي واجه مقاومة شرسة لوجوده , ممن لا يهم , أراد بعد أن أنتهت آلية تشوية القضية العراقية الأولى أن يختلق آلية أخرى , فكانت الفتنة الطائفية , التي صارع إلى ترجمتها واقعيا المتعاونين معه من العرب , وبعض الأغبياء الذين سارعوا بالتورط في الأمر 0
واليوم بعد التفجير الثاني لمرقد الأمامين في سمراء , وتفجير عدة مساجد ردا على ذلك , رغم اتهامات قيادات شيعية للاحتلال بالضلوع في التفجير , ورغم مناشدة القيادات الشيعية والسنية أتباعهم بضبط النفس وعدم التورط في الفخ المحاك للشعب العراقي , ترى من العدو , وممن سيكون القصاص 0
لبنان الذي يبدو أنه يهرول أكثرية ومعارضة نحو حافة الحرب الأهلية الثانية , وكأن قيادات هذا الوطن المسخم بجراحة لا يعبئون بما تمثله ممارساتهم من تهديد بتفجر الحرب ,لبنان الذي تشوهت قضيته , واختزلت سيادته في احتكار هذا الفريق أو ذاك للحياة السياسية , لبنان الشعب الذي لم يفق بعد من تبعيته لقادته الغير عابئين به وبحياته 0
لبنان الذي تعرض لعدوان اسرائيلي في الصيف الفائت , وخرج منه لا يعرف من العدو , خرج منه بسلسلة عداء داخلية , لتتوه القضية بين الصراع على السلطة , و سيادة الدولة , بل ومكونات الدولة 0
وأخيراً إيران وسوريا , المرشحين بقوة للتعرض لضربة اسرائيلية أمريكية مشتركة في القريب , بعد أن تحولا إلى حد ما إلى عدو للدول العربية الأخرى , فإيران الدولة الشيعية الساعية لفرض التمذهب الشيعي , وهي القوة الإقليمية المتسلطة الساعية لفرض سيطرتها على دول المنطقة , وسوريا هي وصيف إيران وخادمة مخططاتها في المنطقة , وهي العقل المدبر لتفجير الأمن اللبناني ,وهي وهي ....
من كل هذه القضايا التي تعج بها المنطقة , التي تدو أنها تموج فوق أتون مشتعل , يبقى في ذهني تساؤل واحد , رغم أني أعرف أجابته , ترى من هو العدو ؟ ومن هو الصديق , ومن هو مشروع العدو , ومن هو مشروع الصديق؟؟؟؟
ثم من هو العدو الاستراتيجي ومن هو العدو التكتيكي ؟ الغريب والمثير للدهشة أن أجابة هذه الأسئلة لا تحتاج عقلا خارقاً لفهمها , بل هي تبدو مفهومه للفرقاء قبل المشاهدين من الشعوب , لكن الخلل قد يبدو أول ما يبدو في التعاطي مع حقيقة تصنيف العداء والصداقة سواء من ناحية النوع أو الدرجة 0

ليست هناك تعليقات: